الجمعة، 27 أبريل 2012

تاريخ الدعارة فى مصر


المصدر جريدة الفجر الأسبوعية   العدد رقم142 بتاريخ الاثنين3/3/2008 عن مقالة بعنوان [ مستندات الدعارة الرسمية في مصر عمرها 118 سنة نبيل سيف ] 
الدعارة بدأت في معابد الديانات القديمة.. فلم يكن جائزا شرعا أن تتزوج فتاة دون أن يفض بكارتها رجل غريب يتصادف دخوله معبدا للصلاة.. وليس من حق الفتاة مهما كانت مكانتها الاجتماعية أن ترفضه.. او ترفض ما يلقيه في حجرها من نقود.. فإذا ما فضت بكارتها عادت إلي أهلها لتزف علي زوجها مرفوعة الرأس.
وفي مصر الفرعونية كان يطلق علي البغايا " حريم آمون ".. أو " حريم الإله ".. وكن يقسمن إلي طوائف.. تسيطر علي كل منها "رئيسة الحريم".
وأقدم بيت دعارة خارج المعبد كان في أثينا.. وسمي ببيت "سولون".. أما كلمة عاهرة أو لوبا في اللغة اللاتينية فتعني الذئبة ومنها اشتقوا اسم لوبنير.. أو بيت الدعارة.
وعقب دخول العرب مصر ظل البغاء مستترا فترة من الزمن ثم بدأ في الظهور بعد الضرائب الباهظة التي فرضها علي الناس الملك عبد العزيز بالله عماد الدين أبو الفتح في أواخر القرن السادس الهجري الذي لم يتردد في فرض ضريبة علي " بيوت الزواني " سميت بالحقوق السلطانية والمعاملات الديوانية.
لكن.. في عصري المماليك والعثمانيين كانت الدولة تبيح البغاء في أيام الرخاء وتطاردهن في أيام الشقاء.
وفي القرن السابع الميلادي جري أول تسجيل للبغايا في مقر " الصوباشي ".. أو رئيس الشرطة.. وكان تحت سلطته أربعون رجلا يعرفون بـ " جاويشية باب اللوق " مهمتهم حصر الصبية والنسوة الذين لم يناموا في بيوتهم.. ويساعدهم في جمع الضريبة ثلاثة رجال يسمون " شيوخ العرصات ".
وعندما جاء الفرنسيون البسوا البغايا ملابس مميزة وسمحوا في بيوت الدعارة بالخمر والغناء والموسيقي وجعلوا دخولها بتذكرة لا يعفي منها إلا من يحمل تصريحا مجانيا من السلطات الفرنسية.
وأبقي محمد علي ضريبة البغاء بعض الوقت ثم الغاها عام 1837.. ثم بدأ البغاء في الخضوع للتنظيم والتسجيل منذ تطبيق اللائحة التي سميت بتعليمات بيوت العاهرات وقد استمر العمل بها حتي ألغيت نهائيا عام 1949.
وحسب تعريفات هذه اللوائح فإن كلمة بغاء تعني بغاء الذكور أو الإناث.. أما الدعارة فتعني بغاء الإناث.. والفجور يعني بغاء الذكور.. والفسق هو ارتكاب افعال جنسية غير مشروعة.
صدرت لائحة مكتب التفتيش علي النسوة العاهرات بقرار من ناظر الداخلية ( أو وزير الداخلية ) عام 1885 والتزمت البغايا طبقا للمادتين الثالثة والرابعة منها بتسجيل أسمائهن وإلا عوقبن.. لم يكن العقاب بسبب ممارسة البغاء وإنما بسبب عدم التسجيل أو الممارسة دون ترخيص.
ثم صدرت لائحة ثانية في 15 يوليو 1896.. ثم صدرت لائحة ثالثة في 16 نوفمبر 1905.. وهي التي ظلت سارية حتي الغيت الدعارة الرسمية.
وأغلب الظن أن غالبية هذه المعلومات شائعة وأكثر من اهتم بتوثيقها أكاديميا الدكتور محمد نيازي حتاتة وكانت رسالة الدكتوراة التي حصل عليها من كلية حقوق جامعة القاهرة مع مرتبة " الشرف " بعنوان : " جرائم البغاء ــ دراسة مقارنة ".
لكنه.. لم يهتم في " الدكتوراة " بالتفتيش عن الوثائق الرسمية للدعارة التي حصلنا علي بعضا منها وننشرها لأول مرة.
عمر هذه الوثائق نحو 118 سنة.. وهي عبارة عن دفاتر تسجيل البغايا في مصر حتي 26 أكتوبر 1890.. وتحمل رقماً كودياً في أرشيف المحفوظات هو 1189.. وتبدأ بورقة مستقلة مكتوب عليها : " حكمدارية بوليس مصر ــ دفتر يشتمل اسماء العاهرات ونمرهن وعناوينهن حسب خطابات مكتب الكشف في 26 يونيو و4 سبتمبر 1890 وعدد النسوة بمحلات المومسة (مكتوبة المومساه) أي (الكراخانات) المصرح بها.. نزلاً نزلاً.. جهة جهة ".
اسماء العاهرات لافتة للنظر.. تنتهي بنسب لمكان أو لجنسية أو لصفة.. مثل.. حسنة الطرابية.. فريدة الإنجليزية.. زينب الفطاطرية.. زينب الصرة.. عبور محمد القبانية.. خديجة السودانية.. بهية الزايطة.. سيدة فلة.. فاطمة حسن طرطور.. ست البنات علي.. عيشة محمد النجس.. هانم الطهارة.. فطومة الاسكندرانية.. زنوبة السمنودية.. كنجة علي.. شوشة زيدان.. بنبة العربجية.. نفيسة الكبابجية.. هانم أحمد القبرصية.. خضرة إبراهيم الجارية.. نبيهه كتوتة.. سيدة جرح.. أمينة محمد الفلاحة.
وبعض الأسماء تدل علي جنسيات غير مصرية.. شاهور شان.. شاهست حسن.. بنجين.. جلجمال علي.. جلندار الصايت.. باسنت علي.. انجلكة خريستو.. فريدة يني.. نريلا جهوريان.. ليا فرنسيس.
وتنقسم العاهرات إلي نوعين : عايقة.. ومقطورة.. والعايقة هي القوادة.. أو مديرة بيت الدعارة أو صاحبته.. والمقطورة هي التي تمارس الدعارة.
وتسجل الوثائق الرسمية أماكن بيوت الدعارة التي يعملن فيها.. وأشهرها في ذلك الوقت.. الجامع الأحمر.. والواسعة.. الزرايب.. الزعفرانة.. وش البركة.. باب الشعرية.. الطبلي.. بولاق.
أمام كل عاهرة يكتب اسمها وسكنها ورقم رخصتها وتاريخ الكشف الطبي عليها وملاحظات أخري لا تخلو من الجدية.. مثل " مسافرة إسكندرية ".. " خدامة وليست جارية الكشف ".. " غيرت الرخصة من رقم 373 إلي 410 ".. " المذكورة تابت وسلمت الرخصة لقسم الأزبكية في 13 يوليو 1894 ".. " المذكورة عمرها 12 سنة وسلمت إلي أهلها ".. " المذكورة صارت مقطورة بطرف الست ملك إبراهيم بكري ".. " المذكورة نقلت أخيرا إلي منزل ملك أحمد مصطفي بشارع بصبص.. برخصة رقم 197 بتاريخ 26 نوفمبر 1897 ".. المذكورة " صار شطب اسمها لعدم الاستدلال عليها كما ورد في إفادة وزارة الصحة يوم 8 مارس 1892 ".. " المذكورة تركت المنزل لكونها صارت مقطورة بطرف فاطمة الحرة ".
وقد بقيت بيوت الدعارة في مصر رسميا حتي تقرر إلغاؤها فجأة.. لماذا ؟.. وكيف ؟.. ومن كان وراء القرار ؟.. هذه قصة أخري .
منقول 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق